صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الجزء الثانى


3- عمار بن ياسر  وعن آله

عمار بن ياسر هو بن عامر بن مالك المذحجي ثم العنسي أبو اليقظان. وكان عمار رضي الله عنه آدم طويلا مضطربا أشهل العينين، بعيد ما بين المنكبين. وكان لا يغير شيبه وقيل: كان أصلع في مقدم رأسه شعرات.

ويعد عمار بن ياسر من السابقين الأولين إلى الإسلام وهو حليف بني مخزوم. وأمه سمية وهي أول من استشهد في سبيل الله عز وجل وهو وأبوه وأمه من السابقين. وكان إسلام عمار بعد بضعة وثلاثين. وهو ممن عذب في الله.
وهاجر إلى المدينة وشهد بدرا وأحدا والخندق وبيعة الرضوان مع رسول الله .

عمار بن ياسر في الجاهلية:...........

قال الواقدي وغيره من أهل العلم بالنسب والخبر: إن ياسرا والد عمار عرني قحطاني مذحجي من عنس إلا أن ابنه عمارا مولى لبني مخزوم لأن أباه ياسرا تزوج أمة لبعض بني مخزوم فولدت له عمارا..
وكان سبب قدوم ياسر مكة أنه قدم هو وأخوان له يقال لهما الحارث ومالك في طلب أخ لهما رابع فرجع الحارث ومالك إلى اليمن وأقام ياسر بمكة فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وتزوج أمة له يقال لها: "سمية" فولدت له عمارا فأعتقه أبو حذيفة؛ ومن هنا صار عمار مولى لبني مخزوم وأبوه عرني كما ذكرنا.

قصة إسلام عمار بن ياسر:......................

أسلم عمار ورسول الله  في دار الأرقم هو وصهيب بن سنان في وقت واحد: قال عمار: لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم ورسول الله  فيها فقلت: أردت أن أدخل على محمد وأسمع كلامه. فقال: وأنا أريد ذلك. فدخلنا عليه فعرض علينا الإسلام فأسلمنا. وكان إسلامهم بعد بضعة وثلاثين رجلا.
وروى يحيى بن معين عن إسماعيل بن مجالد عن مجالد عن بيان عن وبرة عن همام قال: سمعت عمارا يقول: رأيت رسول الله  وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر.
وقال مجاهد: أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله وأبو بكر وبلال وخباب وصهيب وعمار وأمه سمية
واختلف في هجرته إلى الحبشة. وعذب في الله عذابا شديدا.

أثر تربية الرسول لعمار بن ياسر:..................

أخبر أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال:أخذ المشركون عمارا، فلم يتركوه حتى نال من رسول الله  وذكر آلهتهم بخير، فلما أتى النبي  قال: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله. والله ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، فقال : "فكيف تجد قلبك"؟ قال: مطمئن بالإيمان. قال: "فإن عادوا فعد".

مواقف من حياة عمار بن ياسر مع الرسول :.................

روى أبو بلج عن عمرو بن ميمون قال عذب المشركون عماراً بالنار فكان النبي  يمر به فيمر يده على رأسه ويقول: "يا نار كوني برداً وسلاماً"، على عمار كما كنت على إبراهيم. تقتلك الفئة الباغية".
ويحدث أبو إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي قال استأذن عمار على النبي  فقال: "من هذا؟" قال عمار، قال: "مرحباً بالطيب المطيب"

بعض المواقف من حياة عمار بن ياسر مع الصحابة:......................

عمار بن ياسر وعمر بن الخطاب..............

روي أن عمر بن الخطاب عزل عمار بن ياسر عن الكوفة واستعمل أبا موسى. وسبب ذلك أن أهل الكوفة شكوه وقالوا له: إنه لا يحتمل ما هو فيه وإنه ليس بأمين، ونزا به أهل الكوفة. فدعاه عمر، فخرج معه وفدٌ يريد أنهم معه، فكانوا أشد عليه ممن تخلف عنه، وقالوا: إنه غير كافٍ وعالم بالسياسة ولا يدري على ما استعملته. وكان منهم سعد بن مسعود الثقفي، عم المختار، وجرير بن عبد الله، فسعيا به، فعزله عمر. وقال عمر لعمار: أساءك العزل؟ قال: ما سرني حين استعملت ولقد ساءني حين عزلت. فقال له: قد علمت ما أنت بصاحب عمل ولكني تأولت: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين] [القصص:5].

عمار بن ياسر وعلي بن أبي طالب:.........................

يقول أبو عبد الرحمن السلمي: شهدنا صفين مع علي فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية صفين غلا رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبعونه كأنه علم لهم قال: وسمعته يومئذ يقول لهاشم بن عتبة بن أبي وقاص: يا هاشم تفر من الجنة!
الجنة تحت البارقة اليوم ألقى الأحبة محمدا وحزبه والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على حق وأنهم على الباطل.
وقال أبو البختري: قال عمار بن ياسر يوم صفين: ائتوني بشربة. فأتي بشربة لبن فقال: إن رسول الله  قال: "آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن" وشربها ثم قاتل حتى قتل.
وكان عمره يومئذ أربعا وتسعين سنة وقيل: ثلاث وتسعون وقيل: إحدى وتسعون.

عمار بن ياسر وخالد بن الوليد:.....................

يروي سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: وقع بين خالد بن الوليد وعمار بن ياسر كلام فقال: عمار لقد هممت ألا أكلمك أبدا فبلغ ذلك النبي  فقال: "يا خالد مالك ولعمار رجل من أهل الجنة قد شهد بدرا وقال لعمار: إن خالدا -يا عمار- سيف من سيوف الله على الكفار". قال: خالد فما زلت أحب عمارا من يومئذ.

عمار بن ياسر وأثره في الآخرين:...............

عبد الله بن عمر قال: رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة وقد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين أمن الجنة تفرون أنا عمار بن ياسر هلموا إلي وأنا أنظر إلى أذنه قد قطعت فهي تدبدب وهو يقاتل أشد القتال.

بعض الأحاديث التي نقلها عمار بن ياسر عن المصطفى:................

وروي عن الحسن بن أبي الحسن عن عمار بن ياسر أن رسول الله  قال ثلاثة لا تقربهم الملائكة جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوق والجنب إلا أن يتوضأ.
وعن يحيى بن يعمر عن عمار أن النبي  رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة
وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح..

مناقب عمار بن ياسر:........................

عمار بن ياسر هو أول من بنى مسجدًا في الإسلام.
فعن عبد الرحمن بن عبد الله عن الحكم بن عتيبة قال: قدم رسول الله  المدينة أول ما قدمها ضحى فقال عمار: ما لرسول الله  بد أن نجعل له مكانا إذا استظل من قائلته ليستظل فيه ويصلي فيه: فجمع حجارة فبنى مسجد قباء فهو أول مسجد بني وعمار بناه..
وعن عمرو بن شرحبيل قال رسول الله : "عمار ملئ إيماناً إلى مشاشه".
روي أن حذيفة أتى وهو ثقيل بالموت، فقيل له: قتل عثمان فما تأمرن؟ فقال: سمعت رسول الله --، يقول: " أبو اليقظان على الفطرة " ثلاث مرات " لن يدعها حتى يموت أو يلبسه الهرم ". أبو نعيم: حدثنا سعد بن أوس عن بلال بن يحيي، أن حذيفة أتي وهو ثقيل بالموت، فقيل له: قتل عثمان فما تأمرن؟ فقال: سمعت رسول الله ، يقول: " أبو اليقظان على الفطرة " ثلاث مرات " لن يدعها حتى يموت أو يلبسه الهرم ".

وفاة عمار بن ياسر:..................

روى عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيف. وشهد صفين ولم يقاتل وقال: لا أقاتل حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله فإني سمعت رسول الله  يقول: "تقتله الفئة الباغية". فلما قتل عمار قال خزيمة: ظهرت لي الضلالة. ثم تقدم فقاتل حتى قُتل.
ولما قُتل عمار قال: "ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم"
وقد اختلف في قاتله فقيل: قتله أبو الغادية المزني وقيل: الجهني طعنه طعنة فقط فلما وقع أكب عليه آخر فاحتز رأسه فأقبلا يختصمان كل منهما يقول: "أنا قتلته". فقال عمرو بن العاص: والله إن يختصمان إلا في النار والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة وقيل: حمل عليه عقبة بن عامر الجهني وعمرو بن حارث الخولاني وشريك بن سلمة المرادي فقتلوه.
وكان قتله في ربيع الأول أو: الآخر - من سنة سبع وثلاثين ودفنه علي في ثيابه ولم يغسله. وروى أهل الكوفة أنه صلى عليه وهو مذهبهم في الشهيد أنه يصلي عليه ولا يغسل

                             عبد الله بن مسعود 

عبد الله بن مسعود فقيه أمة الإسلام من السابقين الأولين إلى الإسلام, هاجر الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة وشهد بدراً وهو من رواة الأحاديث. عبد الله بن مسعود هو سادس من أسلموا .
إسلامه
كان من أجود الناس ثوباً وأطيبهم رائحة, وقصة إسلامه أنه كان يرعى أغنام سيد من سادات قريش, وذات يوم مر به رسول الله  وأبو بكر الصديق فقال:((يا غلام هل من لبن؟)). فقال بن مسعود:((نعم, ولكني مؤتمن على ما معي)). فقال  :((فهل معك شاة لا تدر لبناً؟)). قال ابن مسعود:((فأعطيته إحداها فمسح ضرعها فنزل اللبن فحلب في إناء فشرب  وسقى أبا بكر)). ثم قال للضرع:((أمسك عن إنزال اللبن)). فأمسك. فأسلم لما عرف أن هذا لا يصدر إلا عن نبي, وجعل نفسه في خدمة النبي .
جهره بالقرآن.............................
إن عبد الله بن مسعود أول من جهر بالقرآن الكريم بعد الرسول  بمكة. ذلك حين اجتمع بعض أصحاب النبي وقالوا:((نريد أن نسمع قريشاً القرآن)). فقال عبد الله بن مسعود:((أنا الذي سوف يجهر بالقرآن)). فقالوا له:((أننا نخشى عليك منهم)). فقال:((إن الله سيمنعني)). فقام ابن مسعود في ضحى اليوم التالي وقريش مجتمعة في نواديها وأخذ يقرأ سورة الرحمن رافعا بها صوته, فقاموا إليه يضربونه على وجهه. وكان عبد الله بن مسعود من المقربين إلى رسول الله . شهد ابن مسعود المشاهد مع رسول الله . ولقد أوصى رسول الله  الناس أن يتعلموا القرآن من عبد الله بن مسعود فقال:(( تعلموا القرآن من ابن أم عبد)). وهو بن مسعود. قال عبد الله بن مسعود:((والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن أنزلت ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه)) "البخاري" .
الرسول يحب سماع القرآن من ابن مسعود...................
روى مسلم عن عبد الله بن مسعود أنه قال:((قال لي رسول الله  :"اقرأ علي القرآن" قلت:"يا رسول الله, أقرأ عليك وعليك أُنزل؟قال:"إني أشتهي أن أسمعه من غيريفقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت:"فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً" [ النساء: 41] فقال:"حسبك"(أي كفى) فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان)). كان ابن مسعود يقتني سواكاً من الأراك, وكان صغير الساقين, فجعلت الريح تكفؤه فضحك القوم منه. فقال رسوا الله :((مم تضحكون؟)). فقالوا:((يا نبي الله من دقة ساقيه)). فقال: ((والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحد)) أي من جبل أحد. أي في ميزان حسناته يوم القيامة. كان ابن مسعود ملازماً للنبي  حتى توفاه الرحمن, فحزن عليه ابن مسعود حزناً عظيماً .
الفاروق عمر وابن مسعود.....................
بعث أمير المؤمنين عمر الفاروق عمر  لأهل الكوفة عماراً أميراً, وابن مسعود وزيراً ومعلماً, وأنه كتب إليهم يقول لهم:((إن عمار وابن مسعود من أهل بدر, ومن خير أصحاب النبي  فاسمعوا لهما واقتدوا بهما)), وإنه قال في آخر رسالته إلى أهل الكوفة:((والله لقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على نفسي)) .
خوفه وتواضعه...................
والأحاديث كثيرة أيضاً في خوفه من الله جل علاه. ومن تواضعه أنه خرج ذات يوم فأتبعه ناس, فقال لهم:((ألكم حاجة؟)), فقالوا:((لا, ولكننا نريد أن نسير معك)), فقال لهم:((ارجعوا فإن ذلك ذلة للتابع وفتنة للمتبوع)) وقد روى قيس بن جبيـر عنه قال عبد الله:((حبذا"أي نِعْمَالمكروهان الموت والفقر و أيم الله إن هو إلا الغنى والفقر وما أبالي بأيهما بليت إن حق الله في كل واحد منهما واجب وإن كان الغني إن فيه للعطف على المساكين وإن كان الفقر إن فيه للصبر)) .
من أقواله المأثورة..............
كانت تجري الحكمة على لسانه. ومن ذلك أنه قال:((ليس العلم بكثرة الرواية ولكن العلم الخشية لله)), وقد أتاه رجل فقال له:((علمني يا ابن مسعود كلمات لكن جوامع نوافع)), فقال ابن مسعود:((لا تشرك بالله شيئا, ومن جاءك بالحق فاقبل منه وإن كان بعيداً بغيضاً, ومن جاءك بالباطل فاردده عليه وإن كان حبيباً قريباً)) .
ابن مسعود يتحدث عن فضيلة الصمت......................
قال أيضا:((والله الذي لا إله سواه ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من اللسان)), وقال له رجل:((أوصني يا ابن مسعود)), فقال:((فليسعك بيتك, واكفف لسانك وابك على ذكر خطيئتك)), وعنه أيضا أنه قال:((ارض بما قسم الله تكن من أغنى الناس, واجتنب المحارم تكن من أورع الناس وأد ما افترض عليك تكن من أعبد الناس)). من زرع خيراً يوشك أن يحصد رغبة ومن زرع شراً يوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع ما زرع لا يسبق بطئ بحظه ولا يدرك حريص ما لم يُقَدَّر له فمن أعطى خيراً فالله أعطاه ومن وُقي شراً فالله وقاه المتقون سادة والفقهاء قادة ومجالستهم زيادة .
وفاته
وحين مرض عبد الله مرض الموت عاده "زاره" عثمان  . وسأله:((مم تشتكي يا عبد الله؟)) قال:((ذنوبي)) قال عثمان:((فما تشتهي؟)) قال عبد الله:((رحمة ربي)) قال:((ألا آمر لك بطبيب؟)) قال عبد الله:((الطبيب أمرضني)) قال:((ألا آمر لك بعطاء؟)) قال:((لا حاجة لي فيهم)) "من سير أعلام النبلاء" .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

gomanjy. يتم التشغيل بواسطة Blogger.